اهم المحتويات
التركيز والانتباه من منظور علم النفس
الانتباه أو التركيز هو القدرة على معالجة معلومات محددة في البيئة المحيطة مع القدرة على تجاهل معلومات أخرى في نفس البيئة. والتركيز محدود من حيث القدرة والمدة، لذلك من المهم أن يكون لدينا طرق لإدارة طاقة الانتباه والتركيز لدينا بشكل فعال. فيمكن للفرد العمل على تعزيز تركيزه بالطبع، ولكن في نهاية المطاف، عليه اختيار ما يجب أن يركز عليه وإلا سيهدر تلك الطاقة.
في كتابه “مبادئ علم النفس”، عرف عالم النفس والفيلسوف ويليام جيمس أن الانتباه “هو صب طاقة العقل، بشكل تفاعلي ومحدد، على شيء واحد”. ويتابع قوله، ” حتى لو بدا موضوع التركيز وكأنه عدة أشياء أو سلاسل من الأفكار، بالنسبة للعقل هو واحد”. ففي علم النفس بالتحديد، الانتباه أو التركيز، يعني تجاهل بعض الأشياء من أجل التعامل بفعالية مع أشياء أخرى.
التركيز بشكل مفصل أكثر
فكر في التركيز باعتباره أداة تمييز بين أشياء مختلفة. فأثناء قراءتك لصفحة في كتاب، سينجذب انتباهك وتركيزك إلى عبارة مكتوبة بخط أكبر أو لون مختلف عن غيره. فلا يتعلق الأمر فقط بتركيز انتباهك على شيء واحد محدد، بل يتضمن أيضا تجاهل قدر كبير من المعلومات والمحفزات المتاحة. فيتيح لك الانتباه “تجاهل” المعلومات والأحاسيس والتصورات التي ليست ذات صلة في الوقت الحالي وتركيز طاقتك بدلاً من ذلك على المعلومات المهمة. بالإضافة إلى عملية تجاهل ما هو غير مهم، تؤثر آلية التركيز أيضا على كيفية إدراكك المؤثرات التي تطرأ في تلك الأثناء.
دور الانتباه في التعلم والتفكير
الانتباه هو عنصر أساسي في تكويننا البيولوجي، وهو ملكة موجودة لدينا من الولادة ومساهم في قدرتنا على البقاء وتجنب الأخطار. فيتأثر الأطفال حديثي الولادة بالمحفزات البيئية مثل الضجة أو الأصوات المزعجة مثل الزمامير. كما تؤدي اللمسة على الخد إلى تحويل انتباه الرضيع ليدير رأسه للرضاعة وتلقي التغذية. ويستمر الانتباه معنا في جميع مراحل حياتنا ومجالاتها، بما في ذلك المدرسة والعمل والعلاقات. فعندما يحب شاب فتاة، حبه أشبه بعملية تركيز عليها دون غيرها من الفتيات في محيطه. وعندما ننجح في تحقيق هدف معين، فذلك بفضل قدرتنا في التركيز عليه وتجاهل باقي المشتتات مثل انتقادات الآخرين.
لقد أجرى الباحثون قدرا هائلا من الأبحاث حول عدد الأشياء التي يمكننا التركيز عليها وما هي المدة التي يمكننا أن نحافظ على تركيزنا خلالها. أما نتائج الأبحاث فأظهرت أنه لا يمكن التوصل إلى إجابة واحدة للجميع، فقدرات التركيز تعتمد على العديد من العوامل المرتبطة بالشخص نفسه وبموضوع تركيزه وكذلك عوامل خارجية أخرى.
أنواع الانتباه
هناك العديد من أنواع الانتباه أو التركيز المختلفة التي قد يستخدمها الأشخاص، أبرزها:
1.الانتباه المتواصل
هذا النوع من الانتباه هو القدرة على التركيز على شيء واحد لفترة متواصلة دون تقطع. وخلال هذا الوقت، يحافظ الأشخاص على تركيزهم على المهمة التي بين أيديهم ويستمرون في الانخراط في السلوك حتى تكتمل المهمة أو انقضاء فترة زمنية معينة. تشير الأبحاث إلى أن القدرة على الاهتمام المتواصل يصل إلى ذروته خلال أوائل الأربعينيات ثم يتراجع تدريجيًا مع تقدم العمر
2.الانتباه المتقطع
يتضمن هذا النوع من الانتباه القيام بمهام متعددة أو تحويل الانتباه دون جهد بين شيئين أو أكثر لإتمام كل منهما أفعال مختلفة. فلا يتعلق الأمر بالتركيز على أكثر من شيء واحد في نفس الوقت، ولكن يتعلق بالتوقف عن الانتباه بشيء واحد ثم الانتقال إلى المهمة التالية.
3.الانتباه الانتقائي
وبما أن الانتباه قدرة أو طاقة محدودة لدى الإنسان، فيجب علينا أن نكون انتقائيين بشأن ما نقرر التركيز عليه. لا يجب علينا فقط أن نركز اهتمامنا على عنصر معين في بيئتنا، ولكن يجب علينا أيضًا تصفية عدد هائل من العناصر الأخرى. فيشمل الانتباه الانتقائي القدرة على اختيار محفزات معينة في البيئة والاهتمام بها بشكل انتقائي وفي نفس الوقت وتجاهل أشياء أخرى. فعلى سبيل المثال، قد تنتبه بشكل انتقائي إلى كتاب تقرأه أثناء تجاهل صوت منبعث من بيت جيرانك المجاور.
يحتم هذا النوع من الانتباه أن تكون قادرًا على مقاومة التشتت والسرحان سواء كان نابعا عن مشتتات خارجية مثل الضجة، أو مشتتات داخلية. فعلى سبيل المثال، قد تقرأ كتابا في بيئة مرتبة تماما فيها جميع مقومات التركيز، ومع ذلك تشتت بسبب التفكير بأمر يشغل بالك.
4.الانتباه التلقائي
يتضمن هذا النوع من الانتباه القدرة على الانجذاب فجأة إلى محفزات بصرية أو سمعية أو لمسية معينة مثل الضوضاء العالية أو ضوء قوي. فهو أشبه بآلية للاستجابة السريعة، والضرورية في المواقف التي يتوجب فيها شيء ما في البيئة اهتمامًا فوريًا وإجراءً سريعًا. وهو أساسي على وجه الخصوص في المواقف التي تتطلب سرعة البديهة، كأن تنتبه لعقبة على الطريق فتغير مسارك فورا.
5.الانتباه المحدود
الانتباه المحدود، أو الانتباه المنقسم، هو شكل من أشكال الانتباه الذي يتضمن أيضًا تعددا للمهام. ولكن في هذه الحالة، وبدلا من تحويل التركيز من مهمة إلى أخرى، يتم التركيز على عدة مهمات في وقت واحد.
إن الوهم بأن الاهتمام لا حدود له دفع الكثير من الناس إلى ممارسة تعدد المهام، ولكنه أمر يجب تجنبه إلا في الحالات الضرورية. فقد أشارت أبحاث منشورة في العام 2018 إلى أن تعدد المهام نادراً ما يعمل بشكل جيد لأن اهتمامنا، في الواقع، محدود.
كيفية تحسين الانتباه أو التركيز
في معظم الأحيان، تبدو قدرتنا على تركيز انتباهنا على شيء واحد مع تجاهل المشتتات أمرًا تلقائيًا. ومع ذلك، فإن قدرة الناس على تركيز الانتباه بشكل انتقائي على موضوع معين مع استبعاد الآخرين هي قدرة معقدة للغاية. ولكن حتى الأشخاص الذين لا يعانون من مشاكل في الانتباه يمكنهم الاستفادة من استخدام الاستراتيجيات المصممة لتحسين الانتباه والتركيز. ومن أبرز النصائح التي
تجنب تعدد المهام:
إذا كنت ترغب في تحسين تركيزك، فحاول تجنب تعدد المهام. إن محاولة التوفيق بين مهام متعددة يضر بالإنتاجية. لذا يمكنك تحقيق أقصى استفادة من طاقة تركيزك المحدودة من خلال العمل على شيء واحد فقط في كل مرة.
الحصول على قسط كاف من النوم:
أظهرت الأبحاث أن النوم الكافي ضروري للحفاظ على المستويات المثلى من الانتباه.
ممارسة اليقظة الذهنية:
اليقظة الذهنية، التي تتضمن الانتباه إلى اللحظة الحالية، يتم اعتبارها أحيانا على أنها شكل من أشكال الانتباه أو التركيز. فالعيش المستمر في اللحظة يدرب عقلك على صب كامل تركيزه في المهمة بين يديك مهما كانت بسيطة أو معقدة.
الطعام المغذي:
كثير من طعامنا بات خاليا من القيمة الغذائية والفيتامينات والمعادن الأساسية لعمل الدماغ، والتي يؤثر نقصها على التركيز. فتأكد أنك تتناول طعاما صحيا طبيعيا وابتعد عن الحلويات والطعام المقلي الذي يزيد الاتهاب في الدماغ.
تطبيقات تنظيم الوقت:
تنظم الوقت مرتبط بالقدرة على التركيز، فكلما كنت تعمل وفق جدول منظم، يهدأ عقلك وتقل المشتتات الداخلية. أما إن كان نمط حياتك فوضويا، ستشعر بالضغط الدائم وعدم الإنجاز ما سيؤثر على صفائك الذهني.
دورة الرياضات العقلية والذاكرة الذهبية
میانگین امتیاز 4 / 5. تعداد آرا: 1